[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] سلام
يحكي أحد الأصدقاء أنه أثناء رحلة عبر الحافلة،،فوجيء بإحدى السيدات و كانت تجلس بجانبه،،تتهمه بسرقة نقودها
تطور الأمر فتدخلت الشرطة،،كان واثقا من برائته،،فسمح للشرطي بتفتيشه،،فحدث ما لم يكن ينتظره حتى في
أسوء كوابيسه وجد الشرطي بجيب صديقنا هذا نفس المبلغ الذي حددته السيدة مسبقا،،و نفس الأوراق المالية،،!!!
قال للشرطي بأنها نقوده و أنها مجرد صدفة،،من كان سيصدقه،،و كيف تكون صدفة،،و قد حددت السيدة دون معرفتها
بمحتى جيبه المبلغ المسروق طبيعة أوراقه ؟؟
وجد المسكين نفسه في موقف لم ينساه و لن ينساه طيلة حياته،،رغم ما حصل في نهاية الأمر،،فكل الركاب ينظرون إليه
كسارق بل هناك من يلعن و يسب،،،لكن،،فجأة،،صاح أحد الركاب من وسط الحافلة و هو يحمل شيء بيده التقطه من تحت
أحد الكراسي،،" هل هذا ما تبحثين عنه سيدتي ؟ "،،نظرت السيدة و الصدمة تكاد تطيح بها أرضا،،إلى حقيبتها اليدوية
في يد الرجل أمامها،،' نعم سيدي هي هذه حقيبتي "،،أخذها منها الشرطي و فتحها ليجد المبلغ بداخلها تماما كما وصفته
رغم كل ما بدر منها في اتجاه صديقنا المتهم من طلب المغفرة و الإعتذار،،إلا أنه يقول أنه لم يستطع مسامحتها في حينها
و لا حتى الآن بعد مرور سنوات على الحادث،،كان إحساسه بالظلم شديد لا يطاق حين كان يقف أمام الشرطي و أنظار الناس
متجهة صوبه،،،رغم برائته...
مثل هذه الصدف تقع كثيرا في حياتنا رغم غرابتها،،إلا أنها لا تنتهي دائما بظهور الحقيقة،،فكم من متهم بريء تكالبت عليه
الأحداث و ارتبطت بشكل يجعل أقرب الناس إليه يشك في برائته،،منهم من قطع رأسه و منهم يقبع بالسجن و منهم من تلطخت
سمعته دون رجعة،،،فيلم " القنص " الدانماركي الذي أقدمه هنا،،يحكي عن مثل هذه المصادفات،،عن موظف " لوكاس "
بإحدى المدارس الابتدائية،،في أحد المدن الصغيرة،،موظف مطلق يعيش لوحده،،بعيدا عن إبنه و طليقته،،
يحب الأطفال و يحبونه،،يلاعبهم في الشارع ،في المدرسة و أينما حل بجوار بيته يعيش صديقه و أسرته،،
بين أفرادها طفلة صغيرة،،تشاء الصدف أن يقوم بتوصيلها فيأحد الأيام إلى منزل أبويها،،
هذه الطفلة الواسعة الخيال تعيش في حضن أب سكير و أخ منحرف،،لكن من يعلم بهذا ؟،،لا أحد،،فالأمورتمشي
بشكل طبيعي،،بيئتها الأسرية هذه ستجعلها ترتبط عاطفيا بلوكاس،،و يدفعها خيالها و طفولتها المحرومة إلى الكذب،،
عندما تسألها مديرة المدرسة،،و قد ارتابت في سلوك لوكاس لمجرد رؤيته بصحبة الطفلة،،كذبة الطفلة و شكوك المديرة
ستنتشران كفيروس قاتل في كل الأوساط،،آباء و أولياء الأطفال،،و باقي سكان البلدة،،لتصل الشرطة،،فيجد لوكاس نفسه،،
محيدا محاولا إثبات برائته،،لكن الناس لا ترى بعين العقل مثل هذه الأمور،،التي غالبا ما تغذيها أمراض نفسية و انحرافات
دفينة مسكوت عنها،،يحملها بشكل لاواعي أغلب الناس ،،فيجدون في مثل هذه الضحايا فرصة لاشباع مكبوتاتهم و حقدهم على
أنفسهم،،الفيلم يبرع في تحديد المعالم النفسية و الظروف المغذية لها،،عند كل الشخصيات،،فالمديرة ، هذه السيدة الشبه العجوز
لم تكن دوافعها مثالية كما تدعي،،حرصا على نظافة المحيط التربوي للمدرسة بل نراها تنظر بشيء من الغيرة و الحسد
حين تصادف مدرسة بجوار لوكاس في وضع حميمي،،
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لوكاس الذي يهوى القنص،،سيجد نفسه فجأة و قد تحول إلى طريدة،،وسط مجتمع وجد فيه فرصة ليستفيق من سباته الأخلاقي
كل الناس ضده ،،حتى صديقته.. و عمال السوق المركزي،،،،يعرف أنه بريء و أن يوما سيأتيليضع حدا لهذا النفاق،،
لهذا الكذب،،يعاني لكنه يقاوم و لا يستسلم،،تغلق الشرطة الملف لعدم وجود إثبات،،و تطلق سراح لوكاس،،
تمر الشهور ،،تذوب الثلوج،،و معها أحداث المدرسة،،يعود لوكاس إلى حياته المجتمعية،،إلى أصدقائه،،و كأن شيء لو يقع
لكن هل فعلا ،،لم يقع شيء،،؟؟ هل فعلا عادت الأمور كما كانت عليه،،؟؟
هذا ما يجب عليه المخرج فانتيربيرغ في نهاية الفيلم،،حين يعود لوكاس إلى هوايته،،و قد ضم إلى مجموعة أصدقائه
إبنه،،ماركوس،،في حين كانت تبدو الحياة الجديدة ،،لما بعد أحداث المدرسة،،و كأنها قد أنصفت لوكاس، في حين
كانت البلدة تضم من جديد إلى حضنها من أساءت إليه،،و كأنها ترغب في التكفير عن ذنبها و إصلاح ما أفسدت،،
تفاجأنا طلقة نارية مجهولة و قد كادت تصيب لوكاس أثناء رحلة الصيد،،لينتهي الفيلم على لقطة كبيرة،،احتارها أيضا
المخرج لتكون ملصقا للفيلم،،لقطة كبيرة ،،تظهر أثار جرح في وجه لوكاس،،آثار لن تمحى مهما مر الزمن،،!!
ماد ميكيلسون،،الممثل الدنماركي،،قد في هذا الفيلم أحد أحسن أدواره،،إلى جانب دوره في فيلم " تفاحة آدم "
و قد استحق عليه جائزة السعفة الذهبية في كان السنة الماضية،،،في كل فيلم يزداد إعجابي بهذا الممثل الذي يذكرني
بفترة الممثل السويدي ماكس فون سيداو مع المخرج بيرغمان،،
سلام