اغتصاب الأطفال ، جريمة نكراء والصمت ضدها جريمة أكبر منها
داب الجميع بالمغرب على تفادي الحديث عن تعرض الأطفال للعنف الجنسي رغم وجوده ، ورغم أن جر هذا الفعل الإجرامي تكون لها انعكاسات وخيمة على نفسية المعتدى عليه.
إن الهجرة القروية والفقر والجهل والأمية والحرمان تعتبر من العوامل التي ساهمت ولازالت تساهم في بروز ظاهرة تعرض الأطفال للاغتصاب . إلى حد أن كل طفل مشرد هو مشروع
طفل مغتصب من طرف الغير علاوة على اغتصاب بعضهم البعض.
لكن الاغتصاب ليس مقتصرا على أطفال الشارع ، ولكنها تهم كذلك أوساط أخرى ، حتى الراقية منها. علما أن أغلب جرائم الاغتصاب تتم خلف الكواليس وداخل السر وبين الأقارب والأهالي ولا يتم الإعلان عنها. ورغم سيادة التكتم ، هناك بعض الإحصائيات الجزئية فحسب المرصد الوطني لحقوق الطفل كانت هناك 102 حالة اغتصاب معلن عنها سنة 1999 و210 حالة سنة 2001 و400 حالة سنة2002.
ولا يخفى على أحد أن الشخص الذي يغتصب الأطفال شخص غير سوي باعتبار أن الاغتصاب هو أقصى درجات العنف. فالذي يقدم على هذا الفعل المشين تحكمه دينامية لاشعورية تجعله يقدم على ارتكاب الفعل بغير وعي بأضراره لأنه يريد إشباع رغبات مكبوتة لديه.
ومن الصعوبات في هذا الصدد، فإن اغتصاب الأطفال بالمغرب يعتبر جريمة من الصعب إثباتها ، وتظل أقوال الضحية هي الدليل، علما أن آثار الاغتصاب الطبية لا تكون بادية إلا ليوم إلى 5 أيام. وتزداد الصعوبة إذا علمنا أن الضحايا وأسرهم يختارون الصمت والتستر عوض فضح هذه الجريمة ،وذلك خوفا من العار أو التشهير ، وبذلك يتم تفضيل الكتمان على المطالبة بالحق وحسب بعض الإحصائيات المتوفرة لدى المرصد الوطني لحقوق الطفل يتبين أن حالات الاعتداءات الجنسية تتعلق بالآباء بنسبة 6 % والحراس بنسبة 6 % ورجال التعليم بنسبة 9 % والتلاميذ بنسبة 3 % والجيران بنسبة 21 % والأقارب بنسبة أقل من 5 سنوات 10 % من 6 إلى 10 سنوات 22 % من 11 إلى 15 سنة 46 % من 16 إلى 18 سنة 12 %.
وبذلك يرى المرصد أن أعمار ضحايا الاغتصاب الجنسي تتراوح ما بين 6 و 14 سنة من الجنسين ومختلف المستويات الاجتماعية ومن أوساط مختلفة مع كثرة ملفتة للنظر في الأوساط المتفككة . ويسجل المرصد الوطني لحقوق الطفل بأسف كبير بطء الإجراءات فيما يخص مسطرة المتبعة في هذا المجال ، وعدم سماح شروط الجلسة بالمحكمة بالتطرق إلى مختلف جوانب النازلة واستمرار ثقل عبء الإثبات على الطفل الضحية حتى في حالة وجود شواهد طبية وضعف البحث وعدم اللجوء إلى الاستعانة بالخبراء والاختصاصيين وكثرة تدخل الوساطات لفض النزاع ومحاولة طمس الملفات . وما لا يستسيغه المرصد هو رفض بعض الهيئات القضائية لصفة المطالبة بالحق المدني للجمعيات غير الحكومية المتدخلة لفائدة ضحايا الاغتصاب الجنسي ، وكذلك رفض بعض ضباط الشرطة القضائية لتدوين كافة تصريحات الضحايا ، وكذلك غياب التعليل بخصوص أغلب الأحكام والقرارات القاضية بالبراءة في مثل هذه النوازل.
ومن المعلوم أن القانون الجاري العمل به بالمغرب ينص بصريح العبارة على معاقبة مرتكبي جرائم الاغتصاب . فالفصل 465 من القانون الجنائي يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكر أو أنثى مع استعمال العنف. وإذا كان المجني عليه قاصرا يقل عمره عن خمس عشرة سنة يعاقب الجاني بالحبس من عشر إلى عشرين سنة. أما الفصل 484 فيعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات من هتك بدون عنف أو حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن خمس عشرة سنة ذكرا كان أم أنثى . في حين ينص الفصل 471 على أن من استعمل العنف أو التهديد أو التدليس لاختطاف قاصر دون الثانية عشر عاما أو استدراجه أو إغرائه أو نقله من الأماكن التي وضع فيها من طرف من له سلطة عليه أو إشراف عليه سواء فعل ذلك بنفسه أو بواسطة غيره ، يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات . وينص الفصل 436 على عقاب يتراوح بين خمس وعشر سنوات لكل من يختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه أو يجلده دون أمر من السلطات المختصة ، ومن غير الحالات التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص ، وإذا استغرق الحجز ثلاثين يوما أو أكثر كانت العقوبة بالسجن من عشر إلى عشرين سنة ، وإذا ارتكب القبض أو الخطف إما عن طريق ارتداء بذلة أو حمل شارة نظامة أو مماثلة لما هو منصوص عليه.
إذن الإطار القانوني الذي يتابع من خلاله الشخص الذي تسول له نفسه اغتصاب طفل هو نص القانون الجنائي، لاسيما باب إفساد الشباب والبغاء. والفصول 436، 471، 484 و 485تجرم اغتصاب الأطفال باعتباره فعل جرمي شنيع يستهدف فئة اجتماعية ضعيفة مجردة من وسائل الدفاع عن نفسها.
وإذا كانت الجريمة في حالة تلبس ، أي لحظة القيام بالاغتصاب تتدخل الضابطة القضائية فلقاء القبض على الجاني لتقديمه للعدالة. أما في الحالات الأخرى تقدم الشكاية بعد يوم الطفل المغتصب بما جرى له إما للنيابة العامة أو الضابطة القضائية أو قاضي التحقيق أو رئيس المحكمة.
إلا أنه يبدو أن العقوبات الحبسية كرادع ليست كافية لوحدها للتصدي إلى ظاهرة اغتصاب الأطفال ببلادنا، وبالتالي وجب الاهتمام بالظاهرة من طرف الجميع (الدولة والمجتمع المدني ،الإعلام) للتقليل من ما تسببه من تعقيدات نفسية واجتماعية سواء بالنسبة للضحايا أو الجناة وعائلاتهم.
منقول للأمانة