♥».||.×. عوامل تحديد الاراضي الجافة وشبه الجافة .×.||.«♥

يعتبر المناخ من العوامل الاساسية في خبق سمات البيئة الجافة . اذ انه يتحكم في الكيفية التي تختلف بها ظاهرات السطح والنباتات وأساليب الحياة نوعا و درجة عن مثيلاتها في المناطق الرطبة من سطح الارض. ففي الصحاري الداخلية من آسيا الوسطى وافريقيا ، تعتبر ندرة المياه في الطبقة العليا من الصخور و في الارسابات السطحية من العوامل التي تحد من استغلال الأرض وتطورها .

ولما كان نقص المياه غالبا ما يعزى الى قلة الامطار مع ارتفاع معدلات التبخر فإنه من المنطقي اذن أن نبحث عن مدى وأسباب قلة التساقطات في المناطق الجافة التي تشغل حوالي ثلث مساحة اليابس على سطح الارض . لكنه لسوء الحظ نجد ان كثافة السكان في تلك الجهات عادة ما تكون منخفضة بسبب ظروف البيئة ، كما ان التحليلات المناخية الدقيقة لا يمكن ان تعتمد على المحطات العلمية الحديثة الانشاء كتلك التي انشأها الفرنسيون في الصحراء الكبرى والتي انشأها الصينيون والروس في آسيا الوسطى . غير ان الاحصاءات التي سجلتها هذه المحطات نادرا ما يصل امتدادها الى خمسين عاما ن كما ان محطات الرصد غالبا ما تكون متباعدة . بل انها حيث وجدت لمدة طويلة لم تكن دائما تسجل البيانات التي يحتاجها الباحث في علم المناخ او في الجغرافيا الحيوية . وينعكس نقص هذه البيانات على الخرائط المناخية التي انشئت من ارصاد سجلت في عدد قليل ومتناثر أو متباعد من المحطات وبيانات استنتاجية للمناطق التي تقع بينها . وانه لمن الواضح أن الانحناءات البسيطة في طوط المطر المتساوي ما هي الا تعبير عن التعميمات التي سيصيبها التعديل في السنوات القادمة .

لهذا النقص في البيانات المناخية الدقيقة دوره في المسؤولية عن المحاولات العديدة وغير المقنعة في تحديد هوامش المنطقة الجافة على اساس البيانات المناخية وكذلك في تقسيم المناطق الجافة الى اقسامها الأكثر او الاقل رطوبة . ولما كان الجفاف اساسا هو محصلة العلاقة بين المطر ونسبة التبخر والحرارة ، فإن من الخطأ تعريف الجفاف على اساس عنصر واحد من تلك العناصر ، وذلك على الرغم من ان المتوسط السنوي لكمية ما يسقط من الامطار كان يؤخذ باستمرار كدليل بسيط على الجفاف ، فلقد اعتبر بعض الدارسين ان خط المطر المتساوي 254 ميليمتر حد للمناطق الرطبة ، وخط المطر المتساوي 127 ميليمترا حدا داخليا للمناطق الجافة كما اعتبر الحد الجنوبي للصحراء الافريقية متفقا مع خط المطر السنوي 250 ميليمتر ، والحد الاستوائي لنطاق السافانا شبه الجاف متماشيا مع ط المطر السنوي 400 ميليمتر . ولكن هذه الحدود تعتبر على الرغم من ذلك ، حدود غاية في التبسيط لانها تتجاهل عنصر الحرارة وتأثيره على القيمة الفعلية للأمطار .

وللعمليات الجيومورفولوجية ، وللنبات الطبيعي وكذلك الزراعة ولمظاهر اخرى مناخية مثل الفصلية في سقوط المطر ومدته وكثافته ، من الاهمية ما لكمية المطر ؛ كما ان لدرجة الحرارة التي تؤثر بدورها على معدل ودرجة التبخر دلالتها العظمى . فلقد تبين بنك Penck في عام 1910 ان البخر يفوق التساقط في المناطق الجافة عندما جعل حدود الاراضي الجافة في الاماكن التي يتساوى فيها البخر مع التساقط . فهناك علاقة واضحة وهامة بين درجة الحرارة والتساقط والتبخر ، غير انه في الوقت الذي كان تسجيل الحرارة والتساقط ممكننا وبسهولة في محطات المناطق الجافة ، كان قياس البخر اكثر صعوبة كما كانت ارصدة قليلة ولفترات قصيرة . وقد منع هذا النقص في البيانات عن التبخر مفهوم بنك من التطور على مستوى اكبر ، وقد جعل كثيرا من اسس الجفاف والتصيفات المناخية المرتبطة بها تعتمد على استخدام عنصر المطر والحرارة .

والنظرة التحليلية لهذا النظام توضح ان اهمية عنصر المطر تتباين تبعا لفصل سقوطه ، فامطار الفصل البارد أكثر اثرا في مناطق تتمتع بدرجة حرارة كافية لنمو النباتات حيث ان ما يفقده المطر عن طريق التبخر في تلك المناطق أقل منه في تلك التي تسقط فيها الامطار في الفصل الحار من السنة . وتتضح هذه الظاهرة بالفرق بين امكانية الزراعة لمناطق تتساوى فيها كمية الامطار وذلك في كل من الهوامش السودانية وهوامش البحر المتوسط للصحراء الافريقية .