المسألة الشرقية
المسألة الشرقية هي محاولة الدول الأوربية الكبرى تقسيم الدولة العثمانية و تصفية أملاكها ، أو هي مسألة وجود العثمانيين المسلمين في أوروبا و طردهم منها. و تجد الدول الأوروبية نفسها مهددة في مصالحها كما تدخلت إحداها في هذه الأزمة و استغلالها لضعف الدولة العثمانية للتوسع في أراضيها. و تعود جذورها إلى النصف الأول من القرن السادس عشر (16) أي في عهد إيفان المرعب ( 1533-1584 ) الذي اتبع سياسة التوسع على حساب أملاك الدولة العثمانية ، للسيطرة على شبه جزيرة القرم و الأستانة ، لإيجاد منفذ لروسيا إلى المياه الدافئة ( البحر الأبيض المتوسط ) ، ذلك أن روسيا اعتبرت نفسها وريثة الإمبراطورية البيزنطية لذلك عملت على تمزيق الإمبراطورية العثمانية كلما سمحت لها الفرصة ، لذا وقعت عدة حروب بين الدولتين.
كما كشفت حملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798 ، عجز الدولة العثمانية عن الدفاع عن نفسها ، فطمعت الدول الكبرى في أملاكها الشاسعة من الجزائر حتى العراق ، لأنها تحتل مكانة إستراتيجية لذا تدخلت في شؤونها و انقسمت بين معادية و مناصرة ، فنتج عن ذلك سلسلة من الأزمات السياسية و الحروب ، أصطلح على تسميتها بالمسألة الشرقية.
الفهرس
1. أسباب و ظروف ظهور المسألة الشرقية
2. مراحل المسألة الشرقية
2.1. ثورة اليونان ( 1822-1832 (
2.2. المسألة المصرية ( 1831-1840(
3. نتائج المسألة الشرقية
أسباب و ظروف ظهور المسألة الشرقية
• ضعف الدولة العثمانية في هذه الفترة بسبب ضعف شخصيات السلاطين و انتشار الفساد و الرشوة في الإدارة المركزية و الأقاليم و تدهور الجيش الإنكشاري و انتشار ظاهرة شراء المناصب.
• اختلال التوازن بين الدولة العثمانية و بين الدول الأوروبية الناهضة ، فأثر ذلك كثيرا في مستقبل الدولة العثمانية حيث أدى إلى تقسيمها و تصفيتها.
• ظهور عدد من القوميات المسيحية الصغيرة في البلقان و رغبتها في الاستقلال و عملها من أجل الانفصال على الدولة العثمانية.
• تأثير هذه الأمور كلها في سياسة الدول الأوروبية الكبرى التي ظهر بينها تنافس حاد أدى إلى ظهور المسألة الشرقية.
مراحل المسألة الشرقية
مرت المسألة الشرقية بثلاث مراحل رئيسية إلا أن أهم مرحلتين هما:
ثورة اليونان ( 1822-1832)
كانت يقظة الشعور القومي لدى الإغريق عارمة نظرا لما لها من تاريخ مجيد و مركز هام في الدولة العثمانية، فانتظم الفلاحون في جيش وطني، و تكون مجلس يوناني أعلن الاستقلال عام 1822، و الثورة ضد الدولة العثمانية ففتكوا بالأتراك و انتشرت ثورتهم في كل اليونان.
كان رد فعل العثمانيين عنيفا حيث أقاموا مجازر ضد اليونانيين بمذابح الثورة في جزيرة ايعة و ظل الأمر عالقا و استحال على الدولة العثمانية القضاء على المتمردين ، و أمام هذا العجز لجأ السلطان العثماني إلى محمد علي باشا والي مصر و طلب منه التدخل ، فأرسل هذا الأخير أسطولا بحريا بقيادة ابنه إبراهيم باشا و دعمته قطع من الأسطول الجزائري ، فحرر جزيرة كريت و شبه جزيرة المورة و سقطت بعدها مدينة أثينا عاصمة اليونان بيدهم. ثارت ثائرة الدول الأوروبية الاستعمارية و طلبت من السلطان العثماني أن يعطي لليونان استقلاله الذاتي و كونت أسطولا بحريا بموجب معاهدة لندن في 06 يوليو 1827 ، و فاجأت القطع البحرية الأوروبية أسطول إبراهيم باشا في نافارين على الشاطئ الغربي للمورة و دمرت معظم قطعه و في العام الموالي قامت روسيا بإعلان الحرب ضد تركيا و الاستيلاء على أدرنة عام 1829 و هددت بالزحف على القسطنطينية و أمام هذا التحالف الأوروبي اضطر السلطان العثماني أن يبرم معاهدة أدرنة عام 1829 و يعطي لليونان الاستقلال الداخلي ثم الاستقلال التام عام 1832 ميلادي.
المسألة المصرية ( 1831-1840 )
لقد فتح المسألة الشرقية في مصر محمد علي باشا ، إثر تفكيره بتكوين دولة عربية تقوم على أنقاض الدولة العثمانية يحكمها هو و أسرته من بعده ، و كان أول ما طرح إليه محمد علي هو سوريا لأنها تكون منطقة متكاملة طبيعية مع مصر ، و قد استطاع تحقيق ذلك و ساعدته على ذلك ظروف هي:
• ترحيب أهل الشام به لأنه يخلصهم من الحكم العثماني.
• أنه يعمل على تكوين دولة عربية تعيد للعرب عزهم و مجدهم.
قام بالهجوم على بلاد الشام بقيادة ابنه إبراهيم باشا الذي اجتاحها و واصل انتصاراته إلى أن وصلت جيوشه إلى كوتاهية و أصبحت تهدد القسطنطينية نفسها فأصيب السلطان بفزع كبير و تدخلت الدول الأوروبية و أضطر إلى توقيع صلح كوتاهية عام 1833 ، تضمن ما يلي:
• تنازل السلطان العثماني لمحمد علي عن مصر.
• تنازل السلطان العثماني لمحمد علي عن الشام.
• و عين ابنه إبراهيم باشا حاكما على إقليم أمة.
لقد أقلقت انتصارات محمد علي دول أوروبا المسيحية كما أزعجها وحدة البلاد العربية في ظل قيادة مصرية لأن ذلك يهدد مصالحها في المنطقة و يفوت عليها فرصة اقتسام أملاك الدولة العثمانية لذا رأت ضرورة إضعافها. قامت بريطانيا بحث السلطان العثماني و تحضيره لاستعادة أملاكه و خاض السلطان العثماني حربا ثانية مع إبراهيم باشا في نصيين على الفرات في 25 يونيو 1839 فانهزمت برا فيما انظم الأسطول العثماني إلى مصر و هكذا رأت بريطانيا أن طريق الهند أصبح مهددا بالخطر ، لذا سارعت دون أن تطلع فرنسا على نواياها و عقدت مع كل من بروسيا و النمسا و روسيا مؤتمرا انتهى بمعاهدة لندن في 5 يوليو 1840 فأرسلت دول هذا التكتل إنذارا إلى محمد علي جاء فيه:
• التخلي على سوريا.
• إعادة الأسطول العثماني إلى السلطان و إذا رفض فقد حقه في مصر.
و عندما تباطأ محمد علي على أمل أن تصله إمدادات عسكرية من فرنسا صديقته ، قامت الدول بانتزاع ولايته عكا منه ، و لذلك عندا أدرك أن الأمر جدي أعلن قبوله لشروط الصلح و بهذا انتهت المسألة الشرقية في مصر و بذلك ضمنت الدول الأوروبية سلامة الدولة العثمانية و بالتالي مصالحها الاستعمارية.
نتائج المسألة الشرقية
انعقاد مؤتمر برلين الدولي في ألمانيا في القرن التاسع عشر (19)، و الذي ناقش العديد من القضايا لصالح أوروبا و نهاية الرجل المريض - الدولة العثمانية -.