فمن هذه الأسباب :
(1) الإخلاص .
قال ص: ] لن يوافي عبد يوم القيامة يقول : لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرَّم الله عليه النار [ [ رواه البخاري ]
ومن أظهر علاماته : النشاط في طاعة الله ، وأنْ يحب أن لا يطلع على عمله إلا الله .
قيل لذي النون : متى يعلم العبد أنَّه من المخلصين ؟ قال : إذا بذل المجهود في الطاعة ، وأحب سقوط المنزلة عند النَّاس .
فإذا
أردت الفوز بهذه المنزلة العظيمة فجدَّ واجتهد ، وشد المئزر ، وأرِ الله
من نفسك شيئًا يبلغك رضاه ، وبقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى ، وعلى قدر
جدِّك يكون جدُّك ،
قال الصديق أبو بكر t : والله ما نمت فحلمت ، ولا توهمت فسهوت ، وإنِّي لعلى السبيل ما زغت .
قيل للربيع بن خثيم : لو أرحت نفسك ؟ قال : راحتها أريد .
فجُد
بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايتك ، وتحقيق بغيتك ؛ فالمكارم منوطة
بالمكاره ، والمصالح والخيرات لا تُنال إلا بحظ من المشقة ، ولا يُعبر
إليها إلا على جسر من التعب .
فكل شيء نفيس يطول طريقه ، و يكثر التعب في تحصيله ،
يقول
ابن الجوزي في " صيد الخاطر " : فلله أقوام ما رضوا من الفضائل إلا
بتحصيل جميعها ، فهم يبالغون في كل علم و يجتهدون في كل عمل ، و يثابرون
على كل فضيلة ، فإذا ضعفت أبدانهم عن بعض ذلك قامت النيات نائبة ، و هم
لها سابقون .
يقول
: " ولقد تأملت نيل الدر من البحر فرأيته بعد معاناة الشدائد ، و من تفكر
فيما ذكرته مثلا بانت له أمثال ، فالموفق من تلمح قصر الموسم المعمول فيه
، وامتداد زمان الجزاء الذي لا آخر له فانتهب حتى اللحظة ، و زاحم كل
فضيلة ، فإنها إذا فاتت فلا وجه لا ستدراكها .
نعم إذا كنت مخلصًا صادقُا ، فسيكون رد فعلك واضحًا قويًا ، فإذا قرأت تلك الأسباب للعتق
من النًّار مثلاً ، شمَّرت عن ساعد الجد للإتيان بها جميعًا ، سوف تتأمل
عظم النار ، وشدة ما فيها من عذاب ، وتشفق على نفسك أن يكون هذا مصيرها ،
فستسعى إن كنت تريد الله واليوم الآخر ، وستكد ، وستجتهد ، وتتحمل المشاق
من أجل أن تفوز بهذا الفضل الذي لا يضاهى ولا يماثل . [/size] [/size]