[color=red][فن كتابة الرواية الأدبية
عدد مرات القراءة:19203
دروة تدريبية مختصرة في كتابة الرواية
في تجربة الكتابة الأدبية
· أسئلة تمهيدية:
س1: لماذا يروي ويكتب الأدباء؟ ولماذا يقرأ الناس؟ ولماذا الرواية؟
س2: ما هي الرواية التي استحوذت على اهتمامك؟ ولماذا؟
س3: ما سرّ نجاح بعض الكتَّاب وفشل الآخرين؟
س4: هل تعتقدين أن الرواية قادرة على تغيير شخصية القارىء؟
س5: ما هي المكونات النفسيّة للروائي الناجح؟
الفرق بين الرواية والقصة
v تعريف الرواية (أحمد أبو سعد):
هي مجموعة من الحوادث مختلفة التأثير تمثلها عدة شخصيات على مسرح الحياة الواسع شاغلة وقتاً طويلاً من الزمن.
v القصة كما تعرّفها (عزيزة مريدان):
قالب من قوالب التعبير يعتمد على سرد أحداث معينة تجري بين شخصية وأخرى وتصل بالقارىء أو السامع إلى نقطة معينة تتأزم فيها الأحداث تسمى العقدة ويتطلع المرء معها إلى الحل حتى النهاية.
v ما أهم الفروق بين القصة والرواية؟
1- الرواية تعالج موضوعاً كاملاً أو أكثر من موضوع فلا يفرغ القارىء منها إلا ويكون قد ألم بحياة البطل أو الأبطال.
2- ميدان الرواية فسيح ويستطيع القارئ أن يكشف الستار عن حياة أبطاله ويحلل ما وقع من حوادث مهما طال الوقت، في حين القصة ميدانها أقصر وحوادثها أقل.
3- الرواية ذات حجم كبير، وقد تصل إلى عدة مجلدات مثل:
- ((ثلاثية نجيب محفوظ)) = بين القصرين – السكريّة- زقاق المدق.
- ((البؤساء)) لفكتور هوجو = 5 مجلدات.
- ((آنا كارنينا)) لتولستوي.
- ((عندما يُفكر الرجل)) + ((رجل تكتبه الشمس)) لخولة القزويني.
العناصر الفنيّة للرواية
1- الحادثة أو الموضوع:
وهي المادة التي تتألف منها الرواية يبدعها وينشأها المؤلف من خياله أو مما وقع على ذلك المؤلف في الحياة، وهي العنصر الرئيسي ففيها إذ يعتمد على تنمية المواقف وتحريك الشخصيات.
مثال: رواية ((عندما يفكر الرجل))
فكرة الجهاد والصراع من أجل الحق والحريّة ضد الأنظمة الفاسدة.
تجمع بين خيال المؤلف وتأثرها بواقع الأنظمة المستبدة وقمع المؤمنين والفكر الحرّ، فكانت الفكرة لقاح الواقع بالخيال.
2- الشخصية أو الشخصيات:
لابد من وجود الشخصية التي تدور القصة معها أو حولها وهي الشخصية الرئيسية ثم تأتي بقية الأشخاص الثانوية وهؤلاء يختفون ويظهرون على حسب الخطوط والأدوار التي تساعد على إبراز الشخصية الرئيسية.
والشخصيات ذاتها نوعان في مراحلها المختلفة في حين القصة تأخذ فصل واحد فقط من حياة البطل أو حدث من حياته.
أ- نوع يسميه النقاد الشخصية الجاهزة:
وهي الشخصية الثابتة التي تبقى على حالها من بداية الرواية إلى النهاية دون أن يحدث لها أو فيها أي تغيير. وهي شخصية ((محمد)) بطل الرواية الذي يجسّد النموذج المثالي للشاب المؤمن صاحب القيم الإسلامية.
ب- ونوع يسمونه الشخصية النامية:
وهي المتطورة التي تتطور من موقف إلى موقف بحسب تطور الأحداث ولا يكتمل تكوينها حتى تكتمل الرواية.
((زوجته منال الأولى ابنة خالته، المرأة المادية التي لم تؤمن به وتستوعب شخصيته ورسالته فانفصل عنها، نلاحظ في نهاية الرواية قد تغيّرت وشعرت بحاجتها إليه وأن الزمن كان كفيلاًَ بتغييرها)).
وهذه الشخصية إما خيالية أو حقيقية تصرف فيها الكاتب حتى جعلها موافقة لحوادث القصة.
ولشخصية الرواية أبعاد ثلاثة كما يتفق النقاد:
- البُعد الجسمي: شكله الخارجي، لونه، طوله وعرضه، ملامح وجهه، وغيرها من الصفات الجسميّة. (محمد) شاب أسمر يحمل الملامح العربية والنظرة الحادة والسمات الرجولية.
- البُعد الاجتماعي: من حيث ثقافته وعقيدته وهوايته، كان شاباً مثقفاً، متديناً، مؤمناً، مجاهداً من بيئة إسلامية.
- البُعد النفسي: العواطف والأفكار التي تراود هذه الشخصية وردود أفعالها تجاه المواقف والأحداث.
(كان شاباً حسّاساً مرهفاً تجاه الظلم والقمع الذي يقع على الشعوب المسلمة متوحداً بفكره المتميز عن بقية جيله الغارق في الأنانية والشهوات، قد تسامى عن رغباته الدنيوية وشهواته الحسيّة، ولهذا أطلقت عليه ((عندما يُفكر
الرجل)).
3- البيئة:
ونعني بها البيئة الزمانية والمكانية والجو العام المحيط. على الكاتب أن يصوّر البيئة بكل دقة حتى يشد القارىء ويثيره سواء كانت الأحداث في الماضي أو الحاضر أو في بلد دون بلد. بيئات رواية ((عندما يفكر الرجل)) كانت: (الجامعة – دولة عربية) – (بانسيون في تركيا) - (لندن) (باريس).
4- الأسلوب:
أهم عنصر في الرواية هو ((الأسلوب)) ونعني به أسلوب أو طريقة الكاتب في صياغة جملة واختيار الكلمات للتعبير عن فكرته أو رسم الصورة المتخيلة في ذهنه أو نقل أو إخراج ما يدور في نفسه من أحاسيس. فالأسلوب كما يعبر عنه الناقد ((أحمد الشايب)): إنه طريقة الكتابة أو طريقة الإنشاء أو طريقة اختيار الألفاظ وتأليفها للتعبير بها عن المعاني بقصد الإيضاح والتأثير.
وهذا الأسلوب يكون مبني على خطة تعرف بـ ((الحبكة)) أو السياق وهو ترتيب مجرى الرواية حسب تتابع الحوادث فيها وبما يحفظ نظام الرواية ويجعل منها وحدة فنية متكاملة.
والأسلوب يجب أن يعبّر عن إحساس وفكر المؤلف وبشكل مشوّق يجذب القارئ إلى متابعة الأحداث دون ملل.
ويجب أن يتسم الأسلوب بالتالي: الوضوح، لغة سهلة، ثرية بالكلمات، التشبيهات الصور البلاغية، الاستعارات على اختلاف أنواعها.
وفي وراية ((عندما يفكر الرجل)) اعتمدت على أسلوب الرسائل، الأشعار، الخواطر، البوح الذاتي، المناجاة، الأمثلة...
خطة كتابة الرواية
أولا: المقدمة:
(وهي عادة البوابة التي يدخل القارىء منها إلى جو الرواية وبها يعرف شخصياتها وطبائعهم وأوصافهم وبيئتهم).
وهنا لابد أن ينتبه الكاتب إلى أمرين وهما:
1- يجب أن يكون الكاتب بليغاً، فيجعلها قوية جذابة للقارئ بحيث يكون فيها موجزاً ذو طابع عذب نقي حتى لا يملّ القارىء في الإطناب، والتمادي في الخيال يخمد عزيمة القارىء فيترك الرواية ويذهب إلى غيرها.
2- لابد أن تكون المقدمة شيّقة حتى يتابع القارىء الرواية بشغف حتى يصل إلى النهاية وتكون هذه المقدمة طريقه إلى الحادثة، ثم يتدرج في الحادثة حتى يصل إلى العقدة أو الذورة.
في رواية عندما يفكر الرجل: المجاهد ((محمد)) صاحب المبادىء العليا يعيش في أجواء تضطهده، فيشعر بالغربة، لأن هناك خلل في الأنظمة، فساد، ظلم، حقوق مهدورة.. هذه هي المقدمة) ويتحرك ((محمد)) من أجل تغيير هذا الواقع.
ثانيا: العقدة أو الذورة:
تضطرب عواطف القارىء وتزداد رغبته في معرفة ماذا سيجري ويكون في غاية الانتباه والتركيز وحب التطلّع إلى ما يحصل، وما هو الحل لهذه الحادثة أو المشكلة.
والكاتب هنا يبرز قدرته وكفاءته في التشويق والإثارة بحيث يشعر القارىء بأنه دخل ذلك العالم وتمادى معه وكأنه هو المعني فيتابع بكل لذة وشوق حتى يصل إلى اللحظة الأخيرة والنتيجة النهائية ((الحل)).
(يطارد محمد من بلد إلى آخر ويتهم بالجنون ويُساء إلى سمعته، وتجري محاولات حثيثة لتشويه صورته وإغرائه عبر السكرتيرة سوزان ومحاولاتها لجره إلى الفساد، ثم رحيله من محطة إلى أخرى يحمل عذاباته ومعاناته).
القارىء في هذه الرواية يسافر مع محمد ملتحماً بشخصيته، يعاني معه، وكله رغبة وشوق ليعرف ما هي المحطة الأخيرة الذي تنتهي عنده عذابات الرحيل وسفر الغربة وهمّ التغيير.
ثالثا: الحل:
هو آخر ما تصل إليه القصة وهي نتيجة نهائية للعقة وحل لمشكلتها.
يأتي الكاتب بعبارات رقيقة، لطيفة، معبّرة تحاول أن تهدىء العاطفة وإزالة حالة الهيجان عنها جراء ما كان في العقدة من آثار لها.
والحل لا يكون وصفاً ولا عرضً، بل جملة أو اثنتين تنهي بها الشخصية البارزة، أو كلمة للكاتب ترمي إلى نتيجة نهائية.
نهاية (محمد))الاستشهاد في سبيل مبادئه وهذا هو نهج الثوار والصالحين والمجاهدين على مرّ العصور، فلا يمكن أن نغيّر حضارة أو فكر أو نهج دون أن نقدم القرابين.
وقد ختمت الرواية بهذه العبارة:((إنهم قتلوا محمد ولكن في الطريق ألف محمد)).
الهدف أو الغاية من رواية الأديب
لابد لكل رواية أو قصة هدف يسعى الكاتب أن يحققه من كتابة هذه الرواية.
فكل ما يستعمله الكاتب ويخترعه من شخصيات وبيئات وحوادث وغيرها إنما هي وسائل يديرها ويشغلها حتى يصل إلى غايته وفكرته التي يسعى إليها وربما تكون هذه الغاية بـ :
- الإصلاح الاجتماعي.
- اعتراض على الحكومات الجائرة والسياسات الفاسدة
- أو السخرية من أحد الشخصيات التي تضايقه في المجتمع.
- نظرية يريد أن يثبتها وغيره معترض عليها ومنكر.
- أو الهدف هو السخط على الحضارة والحياة.
وأحياناً يكون الهدف غامضاً يلمحه القارىء أو مما كانت له ملكة أدبية ومعرفة بأسرار الأمور الأدبية يفهمها من خلال بعض المشاهد أو المحاورات ويستشف المغزى. وأحياناً يكون واضحاً ومباشراً وصريحاً.
وفي بعض الأوقات لا تظهر فكرة الكاتب بوضوح حتى للأدباء والنقاد وهنا تتعرض الرواية أو القصة إلى التحليل النفسي للكاتب من خلال أعماله الفنية والأدبية وهذا ما يقوم به علماء النفس، وقد لا تخرج هذه الفكرة أبداً مهما بحث الباحثون وحلل المحللون إلا بعد موت الكاتب كما حصل للأديبة ((فرجينا وولف)) التي بينت في أحد أعمالها أنها ستقدم على الانتحار، فلم يكتشف هذا أحد إلا بعد أن انتحرت وحللت أعمالها الأدبية، وكذلك نفس الشيء عند ((أرنست همنغواي)). طبعاً هؤلاء انحرفوا عن الهدف الأسمى من العمل الروائي والذي تحول في نظرهم إلى هروب من واقع ساخط لم يعالجوه بالشكل الصحيح وإنما عبروا عن هذا السخط بالانتحار وهذا هو انحراف عن جماليات الفن الروائي والإبداعي الذي يكون وسيلة للتغيير والتعمير والبناء/color]