رسالة إلى عسكر الإسلام ( المشاهدات 171)
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة أما بعد : فاللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الذين سفكت دماءهم وأزهقت أرواحهم ورملت نسائهم ويتم أطفالهم.. اللهم انتقم لهؤلاء المظلومين ، اللهم خذ بثأرهم ممن ظلمهم.. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يا أهل الحرمين الشريفين ، يا أهل التوحيد والسنة ، أبشروا وأملوا خيراً .....
رسالة إلى عسكر الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة أما بعد : فاللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الذين سفكت دماءهم وأزهقت أرواحهم ورملت نسائهم ويتم أطفالهم.. اللهم انتقم لهؤلاء المظلومين ، اللهم خذ بثأرهم ممن ظلمهم.. يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، يا أهل الحرمين الشريفين ، يا أهل التوحيد والسنة ، أبشروا وأملوا خيراً ؛ فإن ربكم سبحانه وتعالى هو الرؤوف الرحيم وهو الحكيم العليم له الأمر من قبل ومن بعد وله الحكمة البالغة يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يقضي للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. كم هو مؤلم ومحزن ما نراه من سفك للدماء وانتهاك للحرمات وتعدٍ على عباد الله وظلم عظيم فظيع،ولكن الأمر كما قال أحكم الحاكمين :" لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " .
إن هذه الكلمات رسالة إلى عسكر الإسلام حيثما كانوا،رسالة إلى من بذلوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله وحراسة بلاد الإسلام فهم والله المجاهدون حقاً: جهاد على التوحيد والسنة،جهاد على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غدر فيه ولاظلم ولا عدوان ولا افتيات على ولاة الأمر،إنه والله من أعظم العبادات وأجل القربات : رباط على حدود بلاد الحرمين أعزها الله وحفظ للأنفس والأموال والأعراض وانتصار للمظلومين ورد لكيد المفسدين " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" قال مجاهد في رواية : ومن أحياها : أي أنجاها من غرق أو من حرق أو هلكة . وقال سعيد بن جبير : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعا . ومن حرّم دم مسلم فكأنما حرّم دماء الناس جميعا ، واستظهره الحافظ ابن كثير. وهي أيضاً رسالة إلى كل من يقيم على ثرى بلاد الحرمين لأننا جميعا جنود لنصرة الدين، وكلنا رجال لحفظ أمن هذه البلاد فإن أمنها أمن للمسلمين كلهم، إذ كيف يقام الدين ويفد الحجيج إلى بيت الله الحرام إذا فقد الأمن ؟.
معاشر المؤمنين : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله " ،إن العاملين لنصرة هذا الدين كُثر ولله الحمد والمنة منهم جنود الإيمان وعسكر القرآن المرابطون على ثغور بلاد الحرمين، الساهرون على أمنها في القرى والبوادي، الذين هجروا أهليهم وأولادهم وأحبابهم وفارقوهم محبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ونصرة للدين وطاعة لأولي الأمر، فكم ينالهم من نصب وتعب، وكم يلاقون من المشاق والصعاب! فاللهم اجزهم عن أمة محمد خير الجزاء وارفع درجاتهم في المهديين واكتب لهم أجر الشهداء الصادقين .
يا عسكر الإيمان والقرآن ، إن أحسنتم النية وسمعتم وأطعتم في العسر واليسر والمنشط والمكره فأبشروا والله أبشروا؛ فإنكم على عمل صالح يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،وهاكم بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم في فضل الرباط والجهاد في سبيل الله مما أورده العلامة الألباني في "صحيح الجامع" لتعلموا فضل من يحمي بلاد الإسلام ويذب عن أهل الإيمان :
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة ". وقال صلى الله عليه وسلم :" عينان لا تمسهما النار أبداً:عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله "،وفي حديث آخر :" وعين باتت تحرس الإسلام وأهله من أهل الكفر ". وقال صلى الله عليه وسلم :" قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خير من قيام ستين سنة ". وقال صلى الله عليه وسلم :" رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغدي عليه برزقه وريح من الجنة ( أي : شُمم رائحتها ) ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار ". وقال صلى الله عليه وسلم :" موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود ". إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم . فاحمدوا الله على نعمه الظاهرة والباطنة، واشكروا لمن يقوم على حراسة بلاد الإسلام واعرفوا لهم فضلهم ، فاللهم اجزهم خير الجزاء وأعظم أجورهم يا أرحم الراحمين.
يا جنود الإسلام وعسكر القران ، أنتم تحرسون بلاداً تضم بين جنباتها الحرمين الشريفين ، أنتم حراس البيت العتيق، والساهرون على أمن حجاج بيت الله الحرام كم يدفع بكم عن أهل الإسلام من شرور ومكايد . يا عسكر الإسلام أنتم حراس العقيدة في بلاد قال فيها الشيخ ابن باز غفر الله له :" هذه الدولة السعودية دولة إسلامية ولله الحمد ، تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر ، وتأمر بتحكيم الشرع ، وتحكمه بين المسلمين ".وقال غفر الله له :" العداء لهذه الدولة عداء للحق ، عداء للتوحيد ، فأي دولة تقوم بالتوحيد الآن" . انتهى . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :" البلاد كما تعلمون بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية ". وقال الشيخ الفوزان عن هذه الدولة ودعوتها السلفية :" لها أكثر من مئتي سنة وهي ناجحة لم يختلف فيها أحد ، وتسير على الطريق الصحيح ، دولة قائمة على الكتاب والسنة ، ودعوة ناجحة لاشك في ذلك ". ا.هـ .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :" أسال الله أن يديم النعمة على أرض الجزيرة وعلى سائر بلاد المسلمين ، وأن يحفظ دولة التوحيد برعاية خادم الحرمين الملك فهد وأن يطيل عمره في طاعة وسداد أمر وتوفيق موصول" .
وقال محدث اليمن العلامة مقبل بن هادي الوداعي رحمه الله :" يجب على كل مسلم في جميع الأقطار الإسلامية أن يتعاون مع هذه الحكومة ولو بالكلمة الطيبة ، فإن أعداءها كثير من الداخل والخارج … وعلماء السوء يتكلمون في الحكومة السعودية وربما يكفرونها … وهؤلاء الحزبيون شر ، هم يهيئون أنفسهم للوثوب على الدولة متى ما تمكنوا ، فينبغي ألا يمكنوا من شئ وألا يساعدوا على باطلهم ". وقال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله :" من أواخر الدولة العباسية إلى زمن قريب والدول الإسلامية على العقيدة الأشعرية أو عقيدة المعتزلة ، ولهذا نعتقد أن هذه الدولة السعودية نشرت العقيدة السلفية عقيدة السلف الصالح بعد مدة من الانقطاع والبعد عنها إلا عند ثلة من الناس ".اهـ.
يا عسكر الإسلام : إن رباطكم وجهادكم وصدكم لهؤلاء الظلمة وسعيكم في منع الإفساد في الحرمين، إن ذلك والله عبادة وقربة إلى الله سبحانه ، وأنتم يا عسكر القرآن على الحق والسنة وهؤلاء العابثون بأمن البلاد المتجرؤن على سفك الدم الحرام في البلد الحرام وغيره انهم والله على الباطل ،أنتم يا عسكر القرآن سلفيون بحمد الله تنصرون العقيدة السلفية التي قامت عليها هذه البلاد لما اجتمع المحمدان: ابن عبد الوهاب وابن سعود وتبايعا على نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة فهدى الله من شاء من عباده وعاد لجزيرة العرب عزها بهذه الدعوة السلفية المباركة ، وسلفكم في الجهاد من أجل هذه العقيدة ونصرتها والذب عنها بالنفس والمال – سلفكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان كالإمام أحمد وابن تيمية وابن القيم والإمامين المجددين محمد ابن عبد الوهاب ومحمد ابن سعود ومن سار على طريقهما من الأخيار الأبرار من أهل هذه البلاد . فهنيئاً لكم عسكر القرآن فإن الله اختصكم من بين خلقه لنصرة دينه والذب عن العقيدة في زمن اشتدت فيه غربة السنة وأهلها "فطوبى للغرباء" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والغرباء هم الذين يَصلُحون إذا فسد الناس ويُصلِحون ما أفسد الناس من السنة ، فأنتم والله مُصلِحون ، ساعون في حفظ بلاد المسلمين ودمائهم وأعراضهم . بارك الله في أعمالكم وحفظكم من كل سوء، وأما هؤلاء الذين يكفروننا ويستبيحون دمائنا ، ويفجرون في بلاد الإسلام ، ويسفكون دماء المسلمين والمعصومين ، ويكفرون الحاكم والمحكوم ، ويخيفون الآمنيين البرآء ، فلم يسلم من شرهم أحد وما إفزاعهم لأهل البيت الحرام عنا ببعيد ، وأما تفخيخ المصاحف فأمر عجيب .أنتم يا عسكر الإسلام سلفيون ما تلطخت أيديكم بآثام وضلالات و حزبيات الجماعات الدعوية المعاصرة البدعية ، نشأتم بحمد الله على الدعوة الإصلاحية التي قام بها المجدد محمد ابن عبد الوهاب، دعوة على منهاج النبوة وعلى ما كان عليه السلف الصالح ، وهؤلاء ضلاّل سلكوا سبيل أهل البدع ، كما صرح علمائنا الأعلام ، فأنصتوا وتفقهوا في دينكم لتعلموا عظم الأجر لمن أخلص النية.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في أصحاب تفجير العليا والخبر :" الواجب على طلاب العلم أن يبينوا أن هذا المنهج منهج خبيث ، منهج الخوارج الذين استباحوا دماء المسلمين وكفوا عن دماء المشركين ".
ولما سُئل الشيخ الفوزان عمن يجيزون قتل رجال الأمن وخاصة رجال المباحث ويعتمدون على فتاوى منسوبة لأحد طلاب العلم ويحكمون على رجال الأمن بالردة ، أجاب حفظه الله بقوله :" هذا مذهب الخوارج ، فالخوارج قتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أفضل الصحابة بعد أبي بكر وعمر وعثمان فالذي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ألا يقتل رجال الأمن هذا هو مذهب الخوارج والذي أفتاهم يكون مثلهم ومنهم ". اهـ. ولما سُئل سماحة مفتي الديار السعودية عبد العزيز ابن باز غفر الله له: عمن لا يرى وجوب البيعة لولاة الأمر في هذه البلاد السعودية أجاب رحمه الله بقوله :" هذا دين الخوارج والمعتزلة ، الخروج على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة لهم إذا وجدت معصية، … ولا يجوز لأحد أن يشق العصا أو يخرج عن بيعة ولاة الأمور أو يدعوا إلى ذلك لأن هذا من أعظم المنكرات ومن أعظم أسباب الفتنة والشحناء ، والذي يدعو إلى ذلك – هذا هو دين الخوارج – يستحق أن يقتل ؛ لأنه يفرق الجماعة ويشق العصا والواجب الحذر من هذا غاية الحذر ، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا من يدعو إلى هذا أن يأخذوا على يديه بالقوة حتى لا تقع فتنة بين المسلمين ".اهـ .
ولما قيل للشيخ صالح الفوزان : هل في هذا الزمان من يحمل فكر الخوارج ؟ أجاب أعزه الله ورفع قدره فقال :" يا سبحان الله ، وهذا الموجود أليس هو فعل الخوارج ، وهو تكفير المسلمين ، وأشد من ذلك قتل المسلمين والاعتداء عليهم ، هذا مذهب الخوارج وهو يتكون من ثلاثة أشياء : أولاً : تكفير المسلمين . ثانياً: الخروج عن طاعة ولي الأمر . ثالثاً : استباحة دماء المسلمين ، هذه من مذهب الخوارج حتى لو اعتقد بقلبه ولا تكلم ولا عمل شيئاً ، صار خارجياً في عقيدته ورأيه الذي ما أفصح عنه ".اهـ. وسُئل حفظه الله أيضاً عمن يفتي الناس هذه الأيام بوجوب الجهاد ويقول : لا يشترط للجهاد إمام ولا راية ؟ فأجاب أحسن الله إليه بقوله :" هذا رأي الخوارج ، أما أهل السنة فيقولون : لا بد من راية ولا بد من إمام ، هذا منهج المسلمين من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فالذي يفتي بأنه لا إمام ولا راية وكل يتبع هواه ، هذا رأي الخوارج ".اهـ.
ولما عرض على فضيلته قول بعضهم : إن ولاة الأمر والعلماء في هذه البلاد السعودية قد عطلوا الجهاد وهذا الأمر كفر بالله . رد حفظه الله ورعاه بقوله :" هذا كلام جاهل يدل على أنه ليس عنده بصيرة ولا علم وأنه يكفر الناس ، وهذا رأي الخوارج وهم يدورون على رأي الخوارج والمعتزلة ، نسأل الله العافية ". اهـ.
وجاء في قرار هيئة كبار العلماء برئاسة الشيخ ابن باز حول حادث تفجير العليا :" إن الهيئة إذ تقرر تحريم هذا الإجرام وتحذر من نزعات السوء ومسالك الجنوح الفكري والفساد العقدي ".اهـ. وقالت هيئة كبار العلماء أيضاً في تفجير الخبر : "هو تصرف من صاحب فكر منحرف وعقيدة ضالة" . الخوارج يكفرون المسلمين بالكبائر ثم يستبيحون دمائهم وأمولهم ونساءهم ويخرجون على السلطان بالسلاح لينكروا عليه زعموا وهم يردون السنة بظاهر القرآن وهم شر الخلق والخليقة، وفتنتهم من أعظم الفتن لأنهم يُلبسونها لباس الدين والجهاد وإنكار المنكر والغيرة على المحارم، فتميل إليهم قلوب حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام فيوردونهم المهالك ، وكم جروا على أمة الإسلام من المصائب والبلايا ، دماء تسفك ، وأشلاء تتناثر ، وتفريق للجماعة ، وشق لعصا الطاعة ، وإثارة للفتن بل وتعطيل للجهاد لاشتغال الأمة بهم! فأفسدوا الدين والدنيا وخربوا البلاد وروعوا العباد وخالفوا عقيدة أهل السنة السلفيين، فاللهم اكفناهم بما تشاء إنك أنت السميع العليم .
يا عسكر القرآن والإيمان ، ويا أهل التوحيد والسنة دعونا من أباطيل المخذلين الذين يهونون من شأن هذه الأفعال الشنيعة ويعتذرون لأهلها بأعذار تنبئك عما في قلوبهم ، ويل لهم من قوله تعالى : " ولا تكن للخائنين خصيماً " وقوله عز وجل : " هأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلاً " .
دعونا من هؤلاء الذين يكيلون بمكيالين ويزنون بميزانين ويريدون إخفاء الحقيقة عن الأمة لتبقى منساقة تابعة لهم بدعوى أنهم:هم الذين يغارون على الدين،ويفقهون الواقع، وينطقون بالحق ولا يخافون لومة لائم، وأنهم مظلومون مضطهدون، وأنهم مفكرون إسلاميون ومشايخ صحوة ودعاة إصلاح وحوار ومطالبة بالحقوق، فيستعطفون عوام المسلمين والأغرار من الشباب بهذه الشعارات ليصرفوهم عن علمائهم الربانيين وولاة أمرهم،وذلك أنهم يربون الأمةعلى أن الحكام طغاةأوعلمانيون أو كفار ولوكانوا يقيمون الصلاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ثم يفرِّعون على ذلك تجريم العلماء الذين يأمرون بطاعة أولي الأمر! فعلماء المسلمين عندهم مداهنون لا يفقهون الواقع وفي أبراج عاجية ولا يلتفون حول الشباب ولاينطقون بالحق وأسكتتهم الفلا والسيارة ، وهيئة كبار العلماء مغيبة منذ ثلاثين سنة ، أوأن بياناتها تصدر متأخرة مع الإحترام ـ كما يقولون – لهيئة كبار العلماء!؟ .
دعونا من هؤلاء فإنهم والله خراب السفينة ، ولنقف مع أحاديث من لا ينطق عن الهوى صلوات ربي وسلامه عليه ، وأذكرك قبلها بأن الخوارج يردون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل إمامهم ذو الخويصرة ، حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم مالاً ، فقال يا رسول الله اعدل فإنك لم تعدل ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل ، قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل " فقال عمر : يارسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال : " دعه ، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية " . خرجاه في الصحيحين . ( أخرجه البخاري3610،ومسلم1064) . فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج ، وبماذا وصفهم ، وبماذا حكم عليهم ، وبماذا بشّر من يكف شّرهم عن أهل الإسلام ؟، إن للخوارج صفات ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن صفات الخوارج:
1_ الجرأة على العلماء بل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قال ذلك الرجل : يامحمد اعدل ، وقال : يارسول الله اتق الله ، فعندهم جرأة على من خالفهم ولو كان من أهل الفضل والعلم ،بل ولو كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد خرّج الإمام أحمد في مسنده ( 4/382) من طريق سعيد بن جُمْهان ، قال كنا مع عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يُقاتل الخوارج ، وقد لحق غلام لابن أبي أوفى بالخوارج ، فناديناه : يافيروز ، هذا ابن أبي أوفى . قال الغلام الخارجي : نعم الرجل ـ يعني الصحابي ابن أبي أوفى رضي الله عنه ـ لو هاجر ! ـ يعني إلى الخوارج ـ قال ابن أبي أوفى : ما يقول عدو الله ؟ فقيل له : يقول نعم الرجل لو هاجر . فقال : هجرة بعد هجرتي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " طوبى لمن قتلهم وقتلوه " . حديث حسن . فلا تعجبوا من جرأتهم الآن على مشايخنا وعلمائنا ، فإنهم لا يرضون عن أحد حتى ينزع البيعة ويهاجر إليهم وينضم إلى حزبهم ولو كان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2_ ومن صفاتهم : صلاح الظاهر وفساد المعتقد والباطن : تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وقراءتكم مع قراءتهم وصيامكم مع صيامهم لكنهم والعياذ بالله يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فلا تغتروا بزهدهم المزعوم وتشددهم في أمور ، ودعواهم نصرة الدين والدعوة والجهاد، فإن العبرة بموافقة الرجل للسنة وتمسكه بالمنهج السلفي ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخوارج مع شدة عبادتهم وبكاءهم : " هم شر الخلق والخليقة " خرجه مسلم (1067) .وفي صحيح مسلم أيضاً (1066): أنهم من أبغض خلق الله إليه.
3- ومن صفاتهم: إظهار شيء من الحق للتوصل إلى الباطل فيظهرون الإصلاح والمطالبة بتحكيم الشريعة ـ مع أنها محكّمة ـ ليتوصلوا بذلك إلى حمل السلاح وإسقاط الدولة . في صحيح مسلم (1066) من حديث عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية ـ يعني الخوارج ـ لما خرجت وهو مع على ابن أبي طالب ، قالوا : لا حكم إلا لله . قال على رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل !وصدق رضي الله عنه ، فكم من كلمة حق أريد بها باطل ، فلا تغتروا بمن يزعم أنه ينطق بكلمة الحق لكن هواه ووجه ونصرته لغير أهل السنة السلفيين . الخوارج كفّروا علياً رضي الله عنه ومن معه بعد قضية التحكيم واستباحوا دماء أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وأموالهم ؛ وهم في ذلك يحسبون أنهم ينكرون المنكر وينصرون الدين ويلبّسون على الناس بذلك .
4_ ومن صفاتهم : الجهل بالكتاب والسنة ، وسوء الفهم لمعانيهما ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : " يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم "(رواه مسلم1066) . وسبب هذا الجهل: زهدهم في العلماء وترفعهم عن الأخذ منهم وثني الركب في حلقهم ؛ لأنهم كما يظنون : أوصياء على العلماء !.. هكذا يفعل الجهل بصاحبه .
5_ ومن صفاتهم : استباحة دماء المسلمين والمعاهدين واستحلال أعراضهم وأموالهم بل وأولادهم : ففي صحيح مسلم أن علياً حرض المسلمين على قتال الخوارج لما نزعوا البيعة وأفسدوا في الأرض ، فقال بعد أن ذكر حديث الخوارج ومروقهم من الإسلام : أيها الناس ، تتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم ، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح المسلمين فسيروا على اسم الله " ( مسلم 1066) . وفي مسند الإمام أحمد(1/86) : أن عائشة رضي الله عنها ، قالت لعبد الله بن شداد : وهل قتلهم علي رضي الله عنه تعني الخوارج ، قال : والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم ، واستحلوا أهل الذمة " والحديث يدل على خصلة من خصال الخوارج : وهي استحلال دماء أهل الذمة ؛ لأنهم يرون أن الذي أعطاهم العهد والأمان ولي الأمر وهو عند الخوارج كافر . وكان علي رضي الله عنه قد حذرهم من الإعتداء على الكفار الذين يقيمون في بلاد المسلمين بعهد وأمان . ففي الحديث المتقدم : أن علياً بعث إلى الخوارج قبل أن يقاتلهم فقال : بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراما أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا ذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين " .
6_ ومن صفاتهم : أنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ". خرجه البخاري (3611،ومسلم1066). ومن فضل الله أنه لا يكون معهم أحد من أهل العلم والفضل والسنة ، وأما الذي يدافع عنهم فهو منهم ولا كرامة : فقد أورد العلامة الوادعي أثراً عن ابن عباس وحسن إسناده، أنه رضي الله عنه لما جادل الخوارج قال لهم : ما تنقمون على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار وعليهم نزل القرآن ، وليس فيكم منهم أحد ، وهم أعلم بتأويله " . ( صعقة الزلزال 2/ 392) .
7_ ومن صفات الخوارج : الطعن في العلماء وصرف الشباب عن مجالسهم ؛ لأن الشباب إذا أخذوا عن العلماء السلفيين والتفوا حولهم رغبة في العلم كان ذلك سبباً في سلامتهم ، وبغضهم للخوارج ؛ لأن العلماء يحذرون من فكر هؤلاء الضلال؛ في مسند الإمام أحمد ( 1/86) : أن علياً رضي الله عنه بعث عبد الله بن عباس إلى الخوارج ، فلما توسط عسكرهم ، قام ابن الكواء وكان آنذاك خارجياً ، قام يخطب الناس ويحذرهم من ابن عباس ، فقال : يا حملة القرآن ، إن هذا عبد الله بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه ، هذا ممن نزل فيه وفي قومه : ( بل هم قوم خصِمون ) ، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله ) . وفي زمننا تحجب فتاوى العلماء عن الشاب المسلم والفتاة المسلمة ، تحجب فتاواهم في التحذير من هذه الجماعات الضالة وكتبها، وتحجب فتاواهم في أئمة الضلالة في زماننا ورموز الحزبية ، وكثير من الناس ما علم بكلام علمائنا وتحذيرهم من هذه الجماعات الضالة التي تدعي بعضُها أنها كبرى الجماعات أو الجماعة الأم، وما علم بتحذير العلماء منها إلا بعد أن وقعت المصيبة ، وحلت البلية ، فحسبنا الله على من يغيب فتاوى العلماء عن الشباب ويربيهم على الحزبية والعنف والتطرف .
8_ ومن صفاتهم : خذلان الله لهم وأنه يبطل كيدهم ويقطع دابرهم ، فلا يقوم لهم عز ولا سلطان لأنهم مفسدون مخالفون للسنة ، ومن خالف السنة فهو في وحشة وغربة ، ومآله أن يتخلى عنه أحبابه وأصحابه ، ولله الأمر من قبل ومن بعد : فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ينشأ نشأ يقرؤون القرآن لايجاوز تراقيهم ، كلما خرج قرن قطع".قال ابن عمر رضي الله عنه:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلما خرج قرن قطع ، أكثر من عشرين مرة، حتى يخرج في عراضهم الدجال" رواه ابن ماجه(1/61). ومن لطف الله بأهل السنة :أن الذل مصاحب للخوارج لأنهم أعرضوا عن السنة ورضوابالبدعة،فأهل السنة ظاهرون عليهم منصرون بإذن الله: في صحيح مسلم (1066)من حديث زيد بن وهب الجهني قال :لما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدالله بن وهب الراسبي ،فقال لهم :ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوحشوا برماحهم ، وسلوا السيوف ، وشجرهم الناس برماحهم، قال:وقتل بعض الخوارج على بعض ، وما أصيب من الناس _يعني أهل السنة_ يومئذ إلا رجلان".
وأما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج فقد أفصح عنه بقوله : " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود " خرجاه في الصحيحين .(البخاري 4351، مسلم 1064) وخرجا أيضاً من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم القيامة " .وقال علي رضي الله عنه : لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قُضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل ". رواه مسلم (1066).
و روى أيضاً عنه(1066) رضي الله عنه أنه قال : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم " . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج : " طوبى لمن قتلهم ثم قتلوه " رواه الإمام أحمد . قال أبو غالب : لما أتي برؤوس الأزارقة _ وهم فرقة من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق_ فنصبت على درج دمشق ، جاء أبو أمامة رضي الله عنه فلم رآهم قال : كلاب النار ، كلاب النار ، كلاب النار ، هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء ، وخير قتلى قُتِلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء ، فقيل له : أبرأيك قلت هؤلاء كلاب النار ، أو شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا ثنتين ولا ثلاث ، قال : فعد مراراً . رواه الإمام أحمد .
وأما الحوار مع الخوارج ومجادلتهم ، فمرد ذلك إلى السلطان ، إن رأى المصلحة في مجادلتهم فإنه يرسل إليهم أهل العلم ، إذا كانوا بمكان معروف ، فأما من كان مختفياً فكيف نحاوره بالله عليكم ؟ . فقد ثبت عن ابن عباس أنه قال لعلي : يا أمير المؤمنين ، لعلّي أدخل على هؤلاء القوم ـ يعني الخوارج ـ فأكلمهم . فقال علي : إني أخافهم عليك . فقال ابن عباس : كلا ، وكنت رجلاً حسن الخلق لا أوذي أحداً فأذن له علي في مجادلتهم .رواه الفسوي1/522بسندحسن،قاله العلامة مقبل الوادعي في كتابه " الصعقة" وعند الإمام أحمد ( 1/86): أن علياً بعث إليهم ابن عباس ليجادلهم .
فانظروا كيف أن ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما رد الأمر إلى السلطان فلم يحاورهم إلا بإذن منه ، فرجع منهم من رجع . وعلي رضي الله عنه إنما جادل الخوارج قبل أن يسفكوا الدم الحرام ويستحلوا محارم الله ، فإنهم لما فعلوا ذلك لم يحاورهم بل استعان بالله وقاتلهم .ففي المسند ( 1/86): أن علياً رضي الله عنه بعث إلى الخوارج فقال : بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا أهل الذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين .
ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن إذا كانوا في مكان ظاهر تحدثهم ويحدثونك كما حصل لابن عباس رضي الله عنهما لما ذهب إليهم وهم ستة آلاف قد اجتمعوا في مكان واحد فجادلهم ، وأما إن كانوا مختفين يعملون في سرية فكيف نحاورهم !
ثم إن الخوارج زمن علي كانوا يظهرون مذهبهم الخبيث ولا يكذبون ، أما في زماننا فكيف تحاور من إذا جدّت الأمور تدثر بالتقية ، وقال : أنا أدين بالولاء وأحب العلماء ووالله وتالله وبالله ما قلت وما فعلت وأبرأ إلى الله من فلان وفلان . كيف تحاور من يُوَجّهون عبر خطابات القنوات الفضائية فيقال لهم : استعينوا على حوائجكم بالكتمان . كيف تحاور من أضجعك لينحرك والسكين في يده وهو يقول بسم الله وفي سبيل الله اللهم تقبل قرباني ؟! . إن الدعوة إلى الحوار في ظل هذه الظروف دعوة مشبوهة . ثم إن الحوار مع الخوارج ممكن قبل سفك الدماء واستحلال المحارم ، فإن فعلوا ذلك فسنة علي ولي الأمر زمن ابن عباس واضحة جلية : فقد بعث إليهم فقال: بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً أو تقطعوا سبيلاً أو تظلموا أهل الذمة ، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين .
ولهذا قالت هيئة كبار العلماء في آخر بياناتها حول الأحداث : إن مجلس هيئة كبار العلماء يؤيد ما تقوم به الدولة أعزها الله من تتبع لتلك الفئة الضالة والكشف عنهم ؛ لوقاية البلاد والعباد شرهم ولدرء الفتنة عن ديار المسلمين وحماية بيضتهم ، ويجب على الجميع أن يتعاونوا في القضاء على هذا الأمر الخطير ؛ لأن ذلك من التعاون على البر والتقوى الذي أمرنا الله به في قوله سبحانه ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) ، ويحذر المجلس من التستر على هؤلاء أو إيوائهم ، فإن هذا من كبائر الذنوب ، وهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم :" لعن الله من آوى محدثاً " وقد فسر العلماء ( المحدث ) في هذا الحديث بأنه من يأتي بفساد في الأرض ، فإذا كان هذا الوعيد الشديد فيمن آواهم فكيف بمن أعانهم أو أيد فعلهم . انتهى . ثم صدر تصريح من ولاة الأمر بأن ما ادُّعي من حوار مع هؤلاء الإرهابيين لا صحة له جملة وتفصيلاً وأنه لا توجد نية لفتح حوار مع أي نوع من الإرهابيين . وإن مما يُعجب منه أن بعض الناس ما صدرت منه كلمة في تأييد عسكر الإسلام في مقاومتهم للباطل .. قُتل منهم من قُتل ، وفُجِّر من فُجِّر فرُمِّلت نسائهم ويتّم أطفالهم وفقدهم آباءهم وأمهاتهم ، ومع كل هذه المآسي كأن شيئاً لم يكن عند بعض الناس ، بل قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم في الدفاع عن أولئك القتلة الضلال ، وما من عذر إلا أتوا به ولا تبرير إلا طرحوه زوراً وبهتاناً فمرة يقولون السبب الحكومة ومرة يقولون السبب علمائنا الأخيار ومرة يقولون سبب هذه الجرائم ضياع الحقوق ، ومرة يقولون سببها عدم تحكيم الشريعة ، ومرة يقولون سببها البطالة ومرة يقولون كبت الحريات ومرة يقولون سببها القوات التي استعنا بها على رد عدوان من أرادنا بسوء ـ وقد رحلت ولله الحمد ـ ومرة يقولون إنكم موالون للكفار ، ومرة يقولون إنكم تحاربون الدعاة ، ومرة يقولون فكر مستورد ومرة يقولون شباب مغرر بهم ، ومرة يقولون لا تطاردوهم ولا تُلاحقوهم ولا تقبضوا عليهم بل حاوروهم، ومرة يقولون إنهم يريدون التعبير عن إنكار المنكرات ، ومرة يقولون اجلسوا أنتم وهم على مائدة المفاوضات ، ومرة يقولون إخواننا وفيهم خير كثير وحصل منهم مجرد خطأ!!؟ . إلى غير ذلك من التبريرات الباطلة التي لا تُستباح بها دماء المسلمين والمعصومين ، قال تعالى : ( ولا تكن للخائنين خصيماً) .
ونحن سنتكلم هذه المرة ونقول: إن سبب هذا الفكر المنحرف وهذا التطرف والتكفير والتفجير ، ومعاداةٍ هذه الفئة لرجال الأمن الموحدين ، السبب في سفك هذه الدماء باسم الدين هم أولئك الذين شحنوا الشباب وهيجوهم عبر محاضراتهم الصاخبة وأشرطتهم الملهبة وإليكم بعض مقولات من يدّعون الإصلاح والحوار والدعوة والجهاد وقيادة الصحوة ، هذه مقولات من يبررون الإرهاب ويضللون الرأي العام لتعلموا أنهم يبررون لمآرب أخرى : هاهو أحدهم يقول مهيجاً شبابنا على بلادنا يقول : " لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا، وفشا المنكر في نوادينا ، ودُعي إلى الزنا في إذاعاتنا وتلفزيوننا ، واستبحنا الربا " إلى آخر كلامه . فيا أهل الإسلام هل نحن استبحنا الربا ، أما أكلة الربا فموجودون لكنهم مسلمون قد ارتكبوا كبيرة وليسوا كفاراً كما زعم هذا المُنظّر، وأما قوله ( لقد ظهر الكفر والإلحاد في صحفنا ) فأترك التعليق عليه لكم . وقال غيره في شريط له وهو يتحدث عن مجتمعنا : " إن كثيراً من مجتمعنا استحلوا الربا …" ثم حذر من انتشار المعاصي وقال :" إن الكثير قد استحلوا هذه الكبائر " . فيا عقلاء الأمة ، إذا كان مجتمعنا كما يزعم قد استحل الكبائر فهو مجتمع كافر ، كما فهم أولئك الشباب وعليه حملوا السلاح ضد من اعتقدوا كفرهم .
وهذا ثالث يحرض على المظاهرات الغوغائية فيقول :" والذي نفسي بيده لقد خرج في الجزائر في يوم واحد سبعمائة ألف امرأة مسلمة متحجبة يطالبن بتحكيم شرع الله " . فيالها من مصيبة ، شيخ الصحوة يطالب النساء بالخروج في المظاهرات ومواجهة رجال الأمن بصدورهن . فرفقاً رفقاً بالقوارير . ولك أن تتصور أثر هذا التهيج على شبابنا وبناتنا .
واستمع لأحدهم وهو يقول عن حكام المسلمين كلهم دون استثناء ، يقول :" إن الرقعة الإسلامية أصبحت نهباً للمنافقين الذين احتلوها بغير سلاح … ولابكاء ولا دموع على هذه الأرض الإسلامية التي أصبحت تحكم بالمنافقين " .ثم قال :" وهؤلاء المنافقون الذين حكموا في طول بلاد الإسلام وعرضها طالما رفع هؤلاء شعار الدين والحكم بالإسلام وتحكيم الشريعة وعدم الخروج عليها قدر أنملة ، فإذا بهم يحكمون الضربة (أو القبضة) من خلال هذا الكلام " .الله أكبر ! هذا كلام بعض من يدعون الإصلاح والدعوة وإنكار المنكر لكنهم شذّوا عن دعوتنا السلفية المباركة . قولوا بربكم ما أثر هذا الكلام على شبابنا ؟
وهاهو أحدهم يقول بعد فتوى ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء بجواز الإستعانة بالقوات الأجنبية لحماية بلاد الحرمين ، هذا الذي هو من جلدتنا ويتكلم بلساننا كان يقول عن قضية الخليج :"لقد كشفت عن عدم وجود مرجعية علمية صحيحة وموثوقة للمسلمين". فإذا كان ابن باز وابن عثيمين غير موثوق بهما فمن يوثق به ، وهل سيقبل الشباب بمحاورة هؤلاء العلماء بعد هذا الإسقاط الفظيع والتجهيل الظالم .
إن هذه الأحداث تستدعي منا النظر في واقع ما يسمى بالصحوة_مع التحفظ على هذا المصطلح_،وتستدعي النظر في بعض الرموز التي تغذي هذا الفكر لعلاجها وفق الشريعة الإسلامية؛نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم . وأما من تورط في هذه التفجيرات وسفك الدماء ، وأعان عليها فيقال لهم:"واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لايظلمون". يا معاشر الشباب ، ها قد فجرتم في بلاد الحرمين ، وسفكتم الدم الحرام ، فأزهقت أرواح الأطفال والنساء والعجائز من المسلمين والمعصومين ، فما النتيجة ؟ هل نُصر الدين وأهله بهذا التفجير ؟ هل حسنت صورة المسلمين ؟ من المتضرر دول الكفر أو نحن ؟ من الذي أخيف وأفزع وروّع نحن أم هم ؟
يا معاشر الشباب توبوا إلى الله قبل الممات ، فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب إليه وأناب ، أتظنون أن هؤلاء القتلى لن يطالبوا بحقهم بين يدي الله يوم القيامة ؟ حين تنصب وتوضع الموازين ويقال : لا ظلم اليوم ، فيقتص للمظلوم من ظالمه ، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء فيأخذ المقتول حقه وما ربك بظلام للعبيد .
يا معاشر الشباب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة وهذه الأمة أمة مرحومة،قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فأين الشفقة والرحمة؟ ، ألا ترحمون آباءكم وأمهاتكم، فهم والله منذ فراقكم ما بين خوف عليكم وخوف منكم ، فَتُشقِي والديك حياً وميتاً. يا معاشر الشباب توبوا إلى الله واستغفروه وألقوا السلاح ، وكفوا عن الدماء وتذكروا قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عابداً هل له من توبة فقال لا ، فقتله وكمل به المائة ، ثم سأل عالماً _ وهذا هو الواجب أن تسأل العالم لا العابد الجاهل بدينه_: سأل عالماً هل له من توبة قال : نعم ومن يحول بينه وبين التوبة ، ثم أمره أن يرحل إلى بلد يعبد الله فيه فهاجر إليه فحضره الأجل في الطريق فقبضته ملائكة الرحمة لما جاء تائباً مقبلاً إلى الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم " .
ألا ترون إلى من غركم كيف تبرأ منكم ؟ فقدتم صالح الإخوان ووالله لن تجدوا من أمرائكم بدلاً! .
يا معاشر الشباب إن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، ومن تاب تاب الله عليه ، فلا يغرنكم من يريد أن يطيل مدة شقاءكم مطالباً بالحوار ومبرراً لتزيدوا من الإثم والعدوان وهو المستفيد لا أنتم .
وأنتم معاشر الآباء والأمهات انتبهوا لأبناءكم وانظروا من يصاحبون وماذا يملى عليهم في الاستراحات والمخيمات البعيدة عن الأنظار ، وكتبَ مَنْ يقرءون وأشرطة مَنْ يسمعون.
·وأما واجب المعلمين والمعلمات فعظيم عظيم ، اتقوا وأحسنوا إلى أبناء المسلمين وبناتهم ، علموهم السنة وحذروهم من الجماعات الدعوية الحزبية المضلة ، رغبوهم في لزوم الجماعة وحذروهم من البدعة والمنازعة ، واربطوهم بالعلماء الربانيين أهل الفقه والأثر والفتيا والعقل الراجح والدعوة إلى منهج السلف .
·وأنتم يا حملة الأقلام ورجال الإعلام : اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ، لا تفتحوا الباب لدعاة الفتنة ، ولا تضخموا من كان سبباً في هذا الداء ، واعلموا أن وقع الكلمة في هذا الوقت أعظم من وقع السيف . فتأملوا فيمن تحاورونه وتقدمونه إلى الجماهير عسى الله أن يبارك في الجهود وينصر دينه ويعظم الأجر لمن كان من المصلحين.